أ.
السنة
:
1-
السنة
في اللغة :
استعمل
العرب كلمة السنة منذ عهد الجاهلية قبل مبعث النبي صلى الله عليه و سلم بمعنى
الطريقة, حسنة كانت أو قبيحة.
قال
في اللسان : ((السنة : السيرة حسنة كانت أو قبيحة)). وقال : ((والسيرة :
الطريقة)).
واستشهد
ابن منظور علي أن السنة تعني الطريقة المعتادة حسنة كانت أو قبيحة بقول الشاعر
الجاهلي خالد بن عتبة الهذلي :
"فلا
تجزعن من سيرة أنت سرتها فبأول راض سنة
من يسيرها"
وورد
لفظ السنة في القرآن الكريم بمعنى الطريقة و الشريعة في أكثر من موضوع. منها قوله
تعالى : ( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم و يتوب عليكم, والله
عليم حكيم)(النساء : 26)
كما
ورد لفظ السنة في كلام الرسول صلي الله عليه و سلم بمعنى الطريقة في أكثر من موضوع
أيضا. منها ما رواه مسلم في حديثه الطويل عن جرير بن عبد الله البجلي و فيه : وقال
رسول صلي الله عليه و سلم : ((من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل
بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء, و من سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه
وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أزوارهم شيء)).
2-
السنة
في الاصطلاح :
يختلف
معنى السنة في اصطلاح الفقهاء عنه في اصطلاح المحدثين واصطلاح الأصوليين.
فأما
الفقهاء فيذكرون السنة في أبواب العبادات مثلا في مقابلة الفرض. فغسل الوجه في
الوضوء فرض,
بينما تثليث الغسل سنة. فهي تطلق
عند الفقهاء علي ((ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه)).
وتنقسم
عندهم إلى سنة هدي, وسنة زوائد. فما فعله النبي صلى الله عليه وسلم علي سبيل
العبادة يسمى سنة هدى, كصلاة الضحى, وصلاة ركعتين قبل الفجر.
وما
فعله على سبيل العادة فهو سنة زوائد, كطريقة النبي صلى الله عليه وسلم في قيامه و
قعوده ومشيه ولباسه وأكله.
للسنة
عند الفقهاء تعريفات أخرى لا نطيل بذكرها, وتقسيمات أخرى لن نتعرض لها في هذا
المقام طلبا للاختصار.
وأما
الأصوليين فيذكرون السنة دليلا من أدلة الفقه في مقابلة الكتاب و الإجماع والقياس.
ويعرفونها من بين هذه الأدلة بأنها ((ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول
أو فعل.
و
هذا التعريف هو الذي استفاض عن الأصوليين وقال به المحققون منهم. ولكن ابن السبكي
حين عرف السنة في كتابه ((جمع الجوامع)) اقتصر علي ذكر الأقوال و الأفعال, ولم
يذكر التقريرات, وذلك حيث يقول: ((الكتاب الثاني في السنة: وهي أقوال محمد صلى
الله عليه وسلم و أفعاله)).
فيظن
بعض من يطلع على كتابه هذا أنه لا يرى تقريرات النبي صلى الله عليه وسلم جزء من
مفهوم لفظ السنة عند علماء الأصول, أو بعضهم على الأقل, ولكن هذا الظن غير صحيح, بدليل
أن المحققين من شراح كتابه جعلوا التقريرات داخلة في الأفعال. و بدليل أن ابن
السبكى نفسه حين عرف السنة في شرحه علي منهاج الأصول للقاضي البيضاوي ذكر التقرير
صراحة في ضمن مفهوم لفظ السنة, و ذلك حيث يقول : ((و تطلق السنة علي ما صدر عن
النبي صلي الله عليه و سلم غير القرآن من قول و يسمى الحديث, أو فعل, أو تقرير)).
وأما
المحدثون فيعرفون السنة بأنها ((ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه و سلم من قول, أو
فعل, أو تقرير, أو وصف, أو سيرة)). هذا عند بعضهم. و عند (( الأكثر أنها تشمل ما
أضيف إلى الصحابي أو التابعي)). ويشمل الوصف صفاته الخِلقية و الخُلقية.
كما
تشمل السيرة حياته صلى الله عليه وسلم قبل البعثة و بعدها.
و
هذا التعريف للسنة يبين أنها عند المحدثين أعم منها عند الأصوليين الذين لا يدخلون
السيرة و الوصف في تعريفهم.
و
حول سبب الاختلاف في تعريف السنة يقول الدكتور السباعى : ((و مرد هذا الاختلاف
في الاصطلاح إلي اختلافهم في الأغراض التى
يعنى بها كل فئة من أهل العلم. فعلماء الحديث إنما
No comments:
Post a Comment